مهنة القيافة Rêçajotin في منطقة عفرين Çîyayê Kurmênc

مهنة القيافة Rêçajotin في منطقة عفرين Çîyayê Kurmênc ||

لهنگ إبراهيم ||

من خلال قرائتي لعدّة كتب عن تاريخ عفرين والدراسات التي قامت عن المنطقة من مختلف الجوانب الاجتماعية والاقتصادية و الجغرافية و…. إلخ، لم أجد مايُشير إلى مهنة القيافة (Rêçajotin) أو قص الأثر وهي القدرة على تتبع (تقفي) الأثر (أثر الحيوان والإنسان)، عادةََ مايكون عند سرقة الدواب أو المحاصيل في تلك الأزمنة وأحياناً عند وقوع أيّة جريمة، فكان المقتفي (Rêçajo) يتتبع الأثر حتى الوصول إلى المكان الذي اختبئ فيه السارق مع ماسرقه من بيت أو مزرعة أو أرضِ شخصٍ ما.

 

اشتهر في هذه المهنة المبهرة في الحقيقة في منطقة عفرين في أواخر القرن العشرين (سبعينات وثمانينات وتسعينات حتى نهايتها) عائلة گرو ( Malê Gurê) في قرية مستو عاشور ( Gundê Mist’eşûra ) (وهي قرية صغيرة لا تتعدى عدد بيوتها 80 بيتاً، تقع في جبل خاستيا Çîyayê Xastiya تتبع لناحية موباتو Mûbato، تتربع على وادي، تحدها من كل الاتجاهات قرى – علي جارو وراجو وشكتكا وترميشو وحج قاسمو وكاخري وميركو-) فعُرف منهم مستي گروي Mistî Gurê(جدّي والد أبي) وأحمدي ريچي Ahmedê Rêçî وإيبشي گوري Îbişê Gurê وغيرهم من كبار العائلة والذين وافتهم المنية الآن.

 

حيث كانوا لديهم القدرة على تقفي الأثر ومعرفة الطريق الذي سلكوه السارقون وحتى معرفة أجناسهم وأطوالهم وأوزانهم من خلال الأثر، فكانوا يصلون إلى مسافات بعيدة أحياناً حتى الوصول إلى الهدف المُراد الوصول إليه،فكان الناس يأتون إلى القرية على دوابهم (بسياراتهم مؤخراً) طالبين من أحد المقتفين من العائلة مساعدتهم في تقفي الأثر وإعادة مسروقاتهم.

 

وفي إحدى الروايات تُقال :

” إنّ شيخ قريتنا (قرية مستو عاشور وهو من عائلة گرو أيضاً) قد سُرق جوزه من أرضه الذي يقع في وادي المعصرة Gelî M’eserê، فأراد من جدي مستي گروي تقفي الأثر حتى يُعيد له الجوز المسروق فتقفى الأثر إلى أنْ وصل إلى كهف(عادةََ في قرى منطقة عفرين كان هناك كهفاََ لكل منزل يستخدمونه كأسطبل لدوابهم واحتفاظ بالعلف وبعض المونة للشتاء فيه) الذي وضع فيه السارق الجوز المسروق، وكان الدليل إنّ الشيخ كان قد كبس بأصبعه في جوزةََ أراد أنْ يتفقد اكتماله أم لا في اليومِ الذي سبق حدوث السرقة.”

 

وفي رواية أخرى أيضاً :

” يُقال بإنّ سارقاََ قد سرق دابةََ فاقتفى الأثر أحد مقتفي العائلة حتى أن وصل إلى قرية بجانب الآخر من نهر الأسود Avê Reş (وهي قرية تقع الآن ضمن الطرف التركية) حتى وصلوا إلى الأسطبل الذي ربط فيه السارق الدابة، ومن يومها يُقال بإنّ السارق قد أتاب عن فعل السرقة ولم يعد يسرق حتى مماته. “

 

بالإضافة إلى ذلك هناك قصص وروايات عديدة مازالت يتلاسنه سكان القرية كموروثٍ شعبيٍّ ينتقل من جيل إلى آخر، وكان عليِّ أن أشير إلى هذه المهنة والتي تعتمد على الفراسة وصفاء الذهن وأيضاً خبرة طويلة في تحديد الاتجاه ومكان الأثر والجدير بالاهتمام حفظها بين صفحات التاريخ.

اترك ردّاً