
أينَ نحنُ منّا،
وليسَ من شيءٍ يدلُّ علينا
سوى ساعةٍ متوقّفةٍ في يدِ الجلّاد
وأسماءٍ كانت أوضحَ من أن تُبقينا على قيدِ الحياة؟
أينَ نحنُ منّا،
والمُحالُ يُعاينُ الجباهَ عن كثبٍ
ويتغلغلُ في مفاصلِ الصّمتِ
وفي المفرداتِ المُغمضةِ كالتّوابيت؟
أينَ نحنُ منّا،
والسّؤالُ يتعرّقُ طويلاً في مغاراتِ الغضب
ويهجو الوجوهَ الّتي حنّطتِ الوقتَ
وسَرطَنَتْ رياحَ المواسم؟
أينِ نحنُ منّا،
والطّريقُ الزّائغةُ
لافتةٌ تُشيرُ إلى أبنيةِ الهباء،
والجرحُ الّذي حفرَ جمجمةَ اليقينِ
ما عادَ يريدُ أن يُثبتَ واقعيّتَه؟
وتلكَ الزّرقةُ
الّتي كانت تُفتّشُ الضّوءَ والرّؤى
وتبدّلُ أسماءَ الأشياءِ كلَّ غروب
وتدقُّ نواقيسَ الدّهشةِ
لم تَعدْ تعرفُ نفسَها؟
ثمّةَ ما يجعلُ هذا الموجَ الأخرسَ
كرسيّاً لأشباحِ النّداءِ الأوّل!..
تُفخّخُ البلادُ الخاصرةَ بمقامِ الصّبا
وتتركُ بخورَ المجازاتِ
دليلاً على انتحارِ الشّاعرِ خارجَ القصيدة..
خلسةً تخرجُ هذه النّارُ المطّاطيّةُ من حنجرةِ غيمةٍ
لتُفسّرَ رقصةَ العطرِ الحزينِ
الّذي يضحكُ كثيراً
ويُعامدُ اللّانهاية..
كانتِ الرّياحُ مشطَها،
والأرضُ الّتي تختفي خلفَ الأغنيةِ توءَمَها..
كانت خطواتُها الّتي تتَتَبّعُ ذيلَ الفصولِ عناقاتٍ..
شامتُها تلك،
لم يلحظْ وجودَها على خدِّ الصّبيّة
إلّا الصّقيعُ
والموتُ الّذي أجفلَ اللّه!..
هذه المرايا الّتي تتزيّنُ للغيابِ
ليسِ في وسعها أن تعتذرَ
على ما تكدّسَ داخلَ الجسدِ من أشلاءِ الأشياء!..
قربَ رنينِ الخدَرِ
الّذي يحومُ حولَ سيقانٍ
يُشابكُها فائضُ العناق،
تُصرُّ البراعمُ أن تبقى براعمَ
لحكمةٍ تفوحُ من أطرافِ الأصابعِ
وتدورُ لتصطدمَ بنفسِها!
يُعرِّفُ الجسدُ الرّوحَ
ويعيرُ الماءَ رحيقَ الخيال..
_