سفوك حجي ناصو

يسمع الكثير هذه الكلمات بدون فهم معانيه، سنرى في مقالتنا الفروق بينها من عدة زوايا وبشكل مبسط ألا وهي:
1. حقوق وأجور العمال.
2. تحديد القيمة.
3. وسائل الإنتاج.
4. الملكية الخاصة.
5. المنافسة واقتصاد السوق.
6. الكساد الإقتصادي.
7. علاقتها بالدين والالحاد.
8. شيوعيّة أفلاطون .
9. المادية الجدلية.
10. الليبيرالية وحرية الإنسان .
11 . التطبيق على أرض الواقع.
1. حقوق وأجور العمال:
الشيوعية والاشتراكية ينطلقان من ضرورة تلبية متطلبات وحاجيات العمال و الطبقات الفقيرة التي تقوم بإنتاج كل السلع و المواد الموجهة للاستهلاك.
بمعنى أنّ الشيوعية لا تعطي أهمية كبيرة لرأس المال .. إذا كان لديك رأس المال، فالشيوعية لا تعطيك قيمة كبيرة . بل توجّه كل اهتمامها إلى العمال والطبقات الفقيرة المنتجة.
أما الرأسمالية، فهي لا تعطي الأهمية الكبيرة للعمال، بل تعطي الأهمية الأكبر لرأس المال: إذا كان لديك مال كثير، فحتى ولو لم تصنع أو تنتج شيئاً، يمكنك أن تستثمر مالك وتربح أكثر من ذلك العامل الذي يعمل طول الوقت.
– في الرأسمالية، صاحب رأس المال هو الذي يحدد الأجور، أو تكون بالتوافق مع العمال.
– في الشيوعية، الأجر يتحدد بالحاجة، إذا كان لديك 5 أطفال، فسيكون أجرك أكبر من أجر شخص لديه طفلان فقط.
– في الاشتراكية، الأجر يتحدد بالعمل، إذا كان لديك 5 أطفال، وشخص آخر لديه طفلان فقط، فهو سيتقاضى أفضل منك إنْ كان يعمل أكثر منك.
أعتقد أنّ الشيوعية والاشتراكية يتغلبان على الرأسمالية في هذه النقطة الأخلاقية : أعتقد أنّ حقوق العمال أولى من رأس المال من الناحية الأخلاقية .
2. تحديد القيمة:
الشيوعية والاشتراكية يحددان القيمة حسب المجهود المبذول في إنتاج السلع، بينما الرأسمالية تحدد القيمة بناء على العرض والطلب.ما معنى هذا؟
معناه أنّه في نظام شيوعي أو اشتراكي، إذا صنعتَ هاتفاََ، و أنفقت فيه 10 أيام من العمل المتواصل، فإنّ ثمنه سيكون أكبر من ثمن هاتف اشتريته بمالك وأردّت إعادة بيعه.
مجهود العامل هو الذي يحدد قيمة المنتوج في الشيوعية والاشتراكية.
أما في الرأسمالية فإنك حتى ولو قضيت سنة كاملة تصنع هاتفاََ وتتعب فيه وتضيع فيه وقتاََ وجهداََ كثيراََ، فإنّك لن تربح منه الكثير إذا لم يكن هناك طلب كثير على المنتوج في السوق.
أعتقد أن الرأسمالية تتغلب على الشيوعية والاشتراكية في هذه النقطة، السبب هو أنّه يمكنني أيضاََ أنْ أتعب أسبوعاََ في حفرِ حفرة، لكن لا أحد سيشتريها مني.
إذن: القيمة لا تتحدد بالمجهود, بل تتحدد بالطلب. الرأسمالية هنا تتغلب على الشيوعية لأنها أكثر واقعية.
3. وسائل الإنتاج:
في الشيوعية : وسائل الإنتاج تكون ملكاََ للجميع، جميع المواطنين هم مجرد عمال، وجميع وسائل الإنتاج هي ملكية مشتركة بينهم جميعاً.
في نظام يطبق الشيوعية 100 بالمئة، يمكنك أنْ تذهب إلى أي مصنع وتأخذ ما تشاء من الطعام بدون أن تدفع شيئاً. لأنّ لديك حقاََ في وسائل الإنتاج أيضاََ.
لكن المشكلة أنّ الشيوعية لايمكن تطبيقها 100 بالمئة، لكي يتم تطبيقها يجب أن يكون لدينا نظام ديكتاتوري سلطوي،
لأنّه بدون ديكتاتورية وقوة سلطوية، ستعمّ الفوضى في النظام الشيوعي، والجميع سيذهب الى المخازن وينهبها لأنّ له حقاََ فيها.
لهذا الشيوعية دائماََ تأتي بنظام سلطوي يوقف ويكبح الحريات.السبب هو أن تطبيق الشيوعية صعب، من طبيعة الناس أن يكونوا متنافسين على الموارد، ومن الصعب تطبيق مبادئ المساواة الشيوعية بدون قوة.
لهذا تميل الانظمة الشيوعية (مثل كوريا الشمالية) لتكون منغلقة على نفسها.
أما في الاشتراكية (وهي شيوعية مخففة)، وسائل الإنتاج لايتشاركها الجميع، بل يتشاركها مجموعة من الناس في مكان معين.
أقرب نظام لنظام اشتراكي هو فكرة التعاونيات و نقابات العمال التي تعمل جنباََ الى جنب لضمان حقوق العمال، بحيث أنّ الجميع في معمل معين أو مصنع أو تعاونية أو نقابة معينة يتشاركون في وسائل الإنتاج .
بعبارة أخرى : ليس هناك مالك للمصنع أو الشركة. الجميع يتشاركون فيها لهذا تسمى ب “اشتراكية”.
أمّا في نظام رأسمالي، فيمكنك أن تشتري وسائل الإنتاج باستخدام رأس المال، وتشتري الشغيلة (العمال الذين سيقومون بالانتاج)، وتحدد لهم أجورهم، وتصبح مالك المصنع.
أعتقد شخصياً أنّه في هذه النقطة، الشيوعيّة لديها إيجابيات ها وسلبياتها (لأنها تؤدي الى نظام ديكتاتوري)، والرأسمالية لديها إيجابياتها وسلبياتها (لأنها تؤدي الى الاستغلال، استغلال الأغنياء للفقراء).
4. الملكية الخاصة:
في الشيوعية، لايمكن أن يكون لديك ملكية خاصة كل شيء ملك لكل شخص.المعمل ملك للجميع، الشركة ملك للجميع، المصنع ملك للجميع، وسائل الإنتاج ملك للجميع.
في الاشتراكية، المصنع والمعمل و الشركة ملك لمجموعة من الأشخاص في مدينة أو قرية أو تعاونية أو نقابة واحدة. ولايوجد مالك واحد للشركة كلها.
في الرأسمالية : الشخص الواحد يمكنه أن يمتلك ما يشاء من شركات وغيرها.
أعتقد هنا أن الرأسمالية هي الأفضل في هذه النقطة، لا أرى سبباََ اخلاقياََ لمنع الناس من تملّك أي شيء بالمجهود والذكاء والطموح الخاص.
5. المنافسة واقتصاد السوق:
في الشيوعية والاشتراكية، المنافسة تكون قليلة جداََ في السوق. وهذا يؤدي إلى اقتصادٍ يسير بسرعة ضعيفة جداََ.
الجميع يذهب إلى المعمل للعمل، لا أحد لديه طموح للتفوق، لا أحد لديه أهداف.. لهذا فالابتكار والاختراع والأبحاث العلمية والتقنية تكون فقط مدفوعة من طرف الدولة الشيوعية.
الدولة الشيوعية هي التي تفعل كل شيء … ابتداءً من فرض نظام ديكتاتوري يفرض الشيوعية على الناس. وانتهاءََ بالأبحاث العلمية والتقنية.
أما الناس فلا يفعلون شيئاً من عندهم، لأنّ روح المنافسة منعدمة عندهم.
الرأسمالية تكون فيها منافسة شرسة في السوق، وهذه المنافسة تؤدي إلى تطوير وتحسين المنتوجات مع الوقت.
بينما في الاشتراكية و الشيوعية، كل شيء تقوم به الدولة، الناس يعملون فقط بلا هدف محدد.
أعتقد أن الرأسمالية أفضل في هذه النقطة.
6. الكساد الاقتصادي:
الرأسمالية تحرك عجلة الاقتصاد بسرعة، لأن هناك منافسة، بالتالي يكون من الصعب أن يكون هناك كساد اقتصادي (أي توقف الاقتصاد).
أما الشيوعية، إذا تم تطبيقها 100 بالمئة، فهي ورقة مضمونة لتوقف الاقتصاد، وانتشار المجاعات.
7. علاقتها بالدين والالحاد:
في الحقيقة، لا علاقة بين المذاهب الإقتصادية وبين الدين أو الالحاد.أعني : علاقة مباشرة.على أن هناك علاقة تاريخية بينهما.
عندما بدأت الشيوعية، بدأت كثورة على نظام ملكي في روسيا. ولأن النظام الملكي يكون مدعوماََ من طرف الكنيسة، ولأن ذلك النظام كان يستغل عامة الشعب باسم الدين، فإنّ الشيوعية بدأت كحركة لادينية.
بمعنى،أنّه لاعلاقة بين الأفكار الشيوعية وبين الالحاد.لكن الظروف والحيتيات التاريخية التي ظهرت معها الشيوعية، ظهرت في ظروف كانت الكنيسة هي التي تعرقل انتشار الفكر الشيوعي.
لهذا، بعد نشوء النظام الشيوعي السوفياتي (والأنظمة الشيوعية من بعده) تم إقصاء الدين. ولو قام شخص سلفي بتأسيس الشيوعية، فسينظر الناس الى الشيوعية على أنها حركة دينية سلفية. ولأن مؤسسيها ملحدون ثائرون على الكنيسة التي تدعم الملكية، أصبح الناس ينظرون إليها على أنها حركة إلحادية.
أما الرأسمالية فهي أكثر توافقاََ مع الكثير من الأديان، الأديان تعطي الناس حق التملك، وحق استخدام البشر مقابل أجرة، وحق الاستثمار…الخ.
8. شيوعيّة أفلاطون:
شيوعية أفلاطون هي نوع قديم من الشيوعية كان قد اقترحه الفيلسوف أفلاطون في مدينته الفاضلة.
أفلاطون كان يعتقد بأنه في المدينة الفاضلة: الناس متساوون ليس هناك ملك أو قائد أو وزير أو فقير.
كل الناس متساوون يرتدون نفس الملابس ويتشاركون كل شيء:الملكية منعدمة، الجميع يمتلك كل شيء في المدينة الفاضلة. هذا نوع قديم من الشيوعية الأفلاطونية.
لكن عالم أفلاطون عالم مثالي ولاينطبق على الواقع، مدينة أفلاطون الفاضلة مستحيلة وغير واقعية.
9. المادية الجدلية:
هيغل هو مؤسس الفكر الجدلي المثالي (أتحدث هنا عن المثالية الألمانية). الفكر الجدلي ملخصه هو أن التاريخ البشري كله يعيش جدلا متكرراََ.
بمعنى، تظهر فكرة في التاريخ وظهورها يستوجب وجود فكرة مضادة (لأن كل شيء يُعرف بضده)ثم بعد صراعات وحروب و ثورات، يتم إلتحام الفكرتين في فكرة جديدة تكون الفكرتان صحيحتين في داخلها. الفكرة الجديدة تسمى جدلاََ Dialectic.
مثلا :
إذا قال سمير بأنّ القذافي قائد جيد. فإنّ وجود هذه الفكرة يقتضي وجود فكرة مضادة لها “القذافي قائد سيء”, يمكن أن يثيرها كمال.
وبعد جدل طويل بين سمير وكمال، وبعد معاينتهم لحالة ليبيا الراهنة، توصل الاثنان إلى حل وسط: “القذافي كان سيئاً من بعض النواحي، وجيداً من نواحي أخرى “.
هذه التفكير يسمى “التفكير الجدلي”، فكرة + فكرة مضادة = فكرة جديدة.
الجدلية التاريخية تعني بأنّ الفكرة الجديدة (التي تتشكل من الفكرتين القديمتين)، هي بحد ذاتها تثير فكرة مضادة لها. وبعد ثورات وصراعات طويلة ستنشأ فكرة اخرى جدلية، وهكذا.
ويقول هيغل بأنّ اتجاه هذا الجدل، هو وصول العقل البشري إلى فكرة أخيرة تجمع جميع الأفكار التاريخية. وتلك الفكرة يتفق عليها جميع البشر، ولا يمكن أن يفكر شخص في فكرة مضادة لها.
تسمى تلك الفكرة المستقبلية التي تنهي العملية الجدلية عند هيغل :العقل المطلق The Absolute.
أخذ ماركس هذه الأفكار، وبنى عليها الفكر الجدلي المادي.
سماه مادياً، لأنّه يخالف المثالية الهيغلية. لن أفصل في هذا الموضوع، ننتقل إلى النقطة التالية.
10.الليبيرالية وحرية الإنسان:
الشيوعية لكي تتحقق يجب أنْ تقوم الدولة بكبح حرية الإنسان في الملكية الخاصة.
إذن: لايمكن تحقيق الليبرالية في نظام شيوعي كوريا الشمالية أحسن مثال.
الاشتراكية هي شيوعية مخففة، من الصعب تحقيق الليبرالية فيها لكن هذا ممكن.
الرأسمالية تبقى هي النظام الوحيد الذي يمكن تحقيق الليبيرالية فيه.
11.أخيراََ, التطبيق على الرض الواقع:
– الشيوعية : من المستحيل تطبيقها، والمحاولات كلها فشلت.
– الاشتراكية : يمكن تطبيقها، لكنها تكون دائماََ خليطاََ مع الرأسمالية. يعني شركات خاصة (رأسمالية)، ومعامل وممتلكات عامة كالحدائق ودور السينما والتعاونيات و غيرها (اشتراكية).
– الرأسمالية : هي النظام الوحيد الذي أثبت نجاحه, رغم أنه يؤدي الى استغلال البشر لبعضهم البعض.
ختاماََ، كل نظام اقتصادي وسياسي تكون لديه مشاكل . الشيوعية مثلاََ تبدأ كحركة عمالية بريئة، لكنها تنتهي إلى نظام ديكتاتوري يكبح أبسط الحقوق.
والسبب في هذا الأمر، هو أن البشر مختلفون، من الصعب تطبيق نظام واحد على الجميع.
والناس بطبيعتهم يفضلون نظام السوق، تذهب إلى السوق وتنافس الآخرين، لهذا فالرأسمالية هي النظام السائد بين بني البشر.
المصادر:
1-الشيوعية:
_ Britannica Encyclopedia
_ World Book 2008.
_ Frederick Engels, 1847, Section 18. “Finally, when all capital, all production, all exchange have been brought together in the hands of the nation, private property will disappear of its own accord, money will become superfluous, and production will so expand and man so change that society will be able to slough off whatever of its old economic habits may remain.”
2_الاشتراكية:
_ Marx, Karl Heinrich. Critique of the Gotha Programme, 1875
_ Socialism. Encyclopædia Britannica. 2009.
_ Ferri, Enrico, “Socialism and Modern Science”, in Evolution and Socialism (1912).
3_الرأسمالية:
_ Macmillan Dictionary of Modern Economics, 3rd Ed., 1986
_ Stilwell, Frank. “Political Economy: the Contest of Economic Ideas.” First Edition. Oxford University Press. Melbourne, Australia. 2002.
_ Harper, Douglas.
_ Braudel, Fernand. The Wheels of Commerce: Civilization and Capitalism 15th–18th Century, Harper and Row, 1979.