لهنك إبراهيم

ما أنت من البشر، ما دمت لم تُجرح، لم تُقهر، لم تُحترق في بئر روحك؟ لا معنى لك كإنسان، ما دامت أوعية لهيب الواقع لم تتشعب مع أوعية قلبك.
كان هناك نزوح كبير لخراف المرج الأخضر على هضاب الحياة المنتقاة من أجمل زاوية في هذا الكون. أراد الرب لها مكانًا في أكثر الأرحام تميزًا بالنقاء والخصوبة؛ رحم لم تلد من قبل ولن تلد بعد ذاك الحين، رحمٌ عطّر ببخور السلام الدافئ، فولدتها هضبة مليئة بما يسر القلب والعين.
كلب كان يشاهد ظاهرة النزوح، فتعجب من أن يكون للنزوح نحو أية وجهةٌ وخيارات! الأمر أشبه بالهروب من الموت… ومن الموت مرة أخرى! فكم من شجاعة يتطلبه قلبٌ كقلب هذا النازح؟
معمعة كبيرة…من كثرة الأبواب، تكاد لا تُفرّق بين المخارج والمداخل.
الثمل سيد الموقف في لعبة الحياة، فلا وراءه ولا أمامه رادعٌ يقوّض حريته المكبلة بتأثير الخمر. هناك من يتباهى بحب لا يراه حبًا—حبٌّ خاصٌّ للتباهي—كم هو مثيرٌ للشفقة كهاوي الوهم! وهناك من يتداعى جرحًا، ما هو منه بجريح، بل أهواه مزاجه ليظهر جاهلًا رثًّا. وهناك أيضًا معتكفٌ للصلاة لآلهة الراحة، فكفَّ عن كل اهتمامٍ وفضول، فأصبح باردًا يزج ببرده في الردهة، فأصاب كل الجمهور المتجمهر المتقنع بالقشعريرة.
أين الموسيقى؟
لا رائحة للنوتات الموسيقية؟
لا آثار لأقدام الإناث الحافيات، السارحات على وقع الإيقاعات؟
أين النجوم المتساقطة من خصورهن المائلة؟
لا أنفاس لشهقات تحمل روح الأغاني؟