حنينٌ يعزف على أوتار الذاكرة…

كاوا رشيد

ما أقسى ذلك الإحساس عندما تجتاحك الموسيقى
كالعمر الضائع، وتعيد تشكيل تفاصيلك المنسية، كأنها تشيلو حزين يعزف على أوتار روحك.


عندما تعود بكَ أغنيةٌ ما إلى حقبةِ طفولتكَ وتوقظ فيك طفلاً كان يركض حافياً بين بيادر الأحلام من تخوم الليلِ إلى أجفانِ الصباح قبل أن يلقي الزمنُ بثقله عليه.
هي اللحظة التي ينفتح فيها ستار الصمت مع بدء عرض مسرحية ألم الغربة لتنتشر الموسيقى في مسامات جسدك، وتستيقظ الحروفُ من سباتٍ عميق وتتكلم الذكريات بلغة الحنين.
وتدرك أنّ الكلمات قد شاخت وهرمت وهي في داخلك المهجر، والصمت مازال في أوج شبابه، حينها تشعر بأنك شجرةَ زيتونٍ شاهقةٍ هائمةٍ من دون جذورٍ أو جذورٍ بلا أرضٍ تحتضنها، جذورٌ ممتدةٌ من ماضٍ متلاشي وحاضرٍ يبحث عن جذوره في ظل ضجيج استحضار ذكريات الأمس .


إنها ليست مجرد كلمات عابرة أو لحنٍ مألوف، بل هي قصة ذاك الطفل الصغير التي تحمل بين طياتها كثيراً من الحزن والألم و أوجاع الهجرة التي لاتنتهي .
يركض في أزقة الغربة، خائفاً من فقدان هويةٍ قد يبتلعها شبح النسيان
يخشى أن يتلاشى الحزن في ذاكرته و يفلت منه آخر خيوط الانتماء.
مرافقه ظله في وحدته متأملاً أن تمحو الأيام المقبلة صراع آلام الماضي وآمال المستقبل
.