آلان أوسي

بين واقعٍ نعيشه وصورةٍ نعرضها، تضيع الحقيقة بين فلاتر التجميل وهمسات الإعجابات.
في زمنٍ أصبحت فيه الحقيقة مجرّد خيار، والمشاعر تُفلتر، والوجبات تُرتّب قبل أن تُؤكل، نعيش حياتين مختلفتين:
واحدة حقيقية… وأخرى “للنشر فقط”.
أستيقظ في الصباح أبحث عن القهوة، ثم أتذكّر أنني لم أُصوّرها بعد.
أُعيد ترتيب الفنجان، والكتاب، والوردة الاصطناعية، وألتقط صورة بزوايا مدروسة، لأقنع العالم أنني أبدأ يومي بالتأمل والقراءة، بينما أنا في الحقيقة أبحث عن جوربي الثاني.
نضحك أحيانًا من ذلك الذي يكتب: “أحبّ البساطة”، وتحت الجملة صورة لساعة رولكس بجانب سيارة فارهة.
بساطة؟ ربما من نوعٍ جديد… لا نعرفه نحن أبناء الطبقة التي تشتري “عروض العائلة”.
صرنا نعيش حياة لا تُعاش، بل تُعرض.
رحلتنا لا تبدأ قبل أن نضع الموقع الجغرافي، وضحكتنا لا تنطلق قبل أن نختار الفلتر المناسب.
حتى الحزن تحوّل إلى محتوى، والموت أصبح مناسبة لنشر صور مع المتوفى وكتابة: “أحبك، الله يرحمك”، ثم انتظار الإعجابات… على الأحزان!
نخاف أن نغيب عن الناس، أن نبدو عاديين، بلا زوايا تصوير، ولا اقتباسات درامية.
نخاف أن نكون نحن، في زمنٍ لا يقبلنا إلا بعد التعديل.
لكن لا بأس،
طالما الإنترنت يعمل، والبطارية مشحونة،
فنحن جميعًا “بخير”…
على إنستغرام فقط.







