باسو كورداغي

في سُكون اللَّيل المُدلهم
وقع حفيفُ أوراقِ الشجر
وهدهدة سكرى النجوم
صوتٌ يخترق ملءَ الصدر
ساعة الغسق
غفا القدر على أنامل الوجع
وضمائرنا في دهاليز الغياهب
ناديت…
فعاد الصّدى مع الريح
والريح ثكلى يا خليل الروح
فتاهت النّبرة بين ثنايا القلب
تقول:
“كأس المنى بكفّ القدر
أملأ كأس العمر بأريجِ الأمل
فالظلم لا يلِيق بالأنام
ولا تلتفت لمرّ الزمان
ولا تعبث بعبق القادم
فطبع الدهر غدر الآتي!”
يا ساكن الروح
القلب أضناه الوهن
وغياب من سطر المحال
والصدر ضاق بما لا يقال
ما مر يوم دون كدر
رغم رونقه… ورحب الغبراء
أرى دنياي تسري كسلسبيل
وفي أضلعي نيرانٌ
والعين ساهرة تترقب الغياب
قد ضاقت بي دنياي
أولى بهذا العمر أن يزهر
أولى بهذا البلد أن يستنهض
دون هيجاء، وغليل أهل الدّار
ووهج الضرام وقد طالت العين الساهرة
وكلُّ شبر في الثرى مكلّل بالغار
استفِق من السّبات يا خليل الوجد
فالشوق استوطن الأحداق
والمهجة صارت رماد الورى
وتوالت السنون العجاف
فأضمرت البقاء فِي أخاديد الأيام
وأزهقت أرواح أفئدتنا
وتشذبت أرضنا من الكلأ
وألزم الأنام بالهجر والنكران
يا عالم اليقين!
أعدنا إِلَى ظلك المطمئن…







