كاوا رشيد

هنا،
في ميلانو،
في محطةِ القطار،
تركتُ خلفي ذكرياتٍ
تفوحُ منها
رائحةُ الخوفِ والانكسار.
أُلقيتُ منسيًّا
كجريدةٍ مهترئةٍ
على حافةِ الرصيف،
بجانبِ القطار.
سئمتُ الصبرَ والانتظار،
وسادتي حقيبةٌ
مملوءةٌ بهمومِ الكبار،
وغطائي
بقايا شراعِ مركبٍ
حطّمهُ الإعصار.
في يدي بوصلةٌ
وصفحاتُ خرائطَ
محا حبرَها
موجُ البحار.
ركبتُ البحر،
وما كنتُ أدري
أنَّ الموتَ
ليسَ لعبةَ الصغار.
نظراتُ ازدراءٍ
كانت تهطلُ علَيّ
كبوابلِ المطر
في ليالي الاندثار.
وها أنا أعودُ إليها
بعدَ ربعِ قرن،
وفي خاطري
يدقُّ ناقوسُ الحزن.
جئتُ إليها
ثائرًا على الفقر،
كمن عادَ
ليخطَّ فصولَ حكايته
ويكتبَ
أنتولوجيا الرحيل
بحروفٍ
يشعُّ منها
رونقُ الانتصار.
أنقشُ على جدرانها
قصيدةَ الولدِ
الذي أبحر…
ولم ينهَرْ.







